قصص

قصه رعب

“البنت كانت واقفة وفجأة عينها جابت دم وبدأت تصرخ وهي بتتقلب على الأرض وخدوش بتظهر على جسمها”!
قالتها شابة اسمها هالة وعلى وشها خوف ورعب. وكملت وهي بتحكي القصة اللي شافتها: “فجأة الشيخ طلع حبل وكتفها وبمجرد ما عمل كده لقيناه بيصرخ هو كمان وبيبعد عنها وبيقول “ابعدوه، ابعدوه عني” وركع على الأرض من الخوف وبدأ يبكي وفجأة وقع من غير حركة، ولما أبو البنت قرب منه يشوفه لقاه مات”.
“والبنت دي فين يا هالة دلوقتي”؟ سألت الشابة اللي حضرت العملية دي، لقيتها شاورت على بيت قديم وقالت: “البيت ده، الدور التاني، اسمها ياسمين وابوها الحاج فرج”.
شكرتها ومشيت ناحية البيت وجهزت كارنية الصحافة بتاعي وطلعت خبطت براحة. فتح لي راجل شكله معدي الخمسين، على وشه هموم الدنيا. “خير يا ابني”؟ سألني، قولتله: “يعقوب سالم صحفي في المصرية للأنباء، تسمح لي أدخل”؟!
شاور لجوا وقال باستغراب: “صحفي، اتفضل يا ابني”. دخلت من غير تردد وأنا في نيتي أعمل تحقيق عن الظواهر الغامضة وحوادث الاستحواذ اللي انتشرت الفترة الأخيرة. قولتله بدون مواربة: “سمعت ان بنتك يا حاج تعبانة شوية، اسمها ياسمين صح”؟
هو راسه وقال بحزن واضح: “ملبوسة، فجأة صحينا من النوم لقيناها بتصرخ وعلى جسمها خدوش كتير، ولو حد قرأ قرآن ناحيتها بتصرخ أكتر وبنحس أن الأرض تحتنا بتفور”!
حكالي قصة الشيخ اللي جه ومات قدام شهود كتير ومنهم هالة بنت خالتها، طلبت منه أشوفها وبعد تردد وخوف دخل ثواني ورجع وبعدها قالي “اتفضل”، ودخلنا أوضة كئيبة حسيت جواها بطاقة سلبية غريبة، الحيطان مقشرة، علامات غريبة محفورة، البنت متكتفة على السرير وهي فاردة دراعها وزبد بينزل من بقها وعلى وشها جنون.
شاور على العلامات بتاعت الحيطة وقال بأسى: “هي اللي عملتها، كانت بتمسك أي حاجة وتحفر كده”.
طلعت الكاميرا وبدأت أصور، لفت انتباهي أن نور الفلاش لما بيضرب في الحيطة بسمع صوت ياسمين بتتأوه زي ما يكون النور بيضايقها.
طلبت من الراجل أنه يطلع دقايق علشان أصور المكان، ياسمين بصت ليا بخوف وبدأت تكشر على وشها، في خربشات بدأت تظهر على الحيطان لوحدها!
الراجل استغرب بس طلع وساب الباب مفتوح لأنه مش عارفني برضه.
قربت من ياسمين وهمست بثقة: “اللي جواها يطلع علشان هيندم”. “عاااااااااااااااااااا” صرخت البنت وحاولت تفك نفسها، بعدت عنها شوية وطلعت من شنطتي ازازة مياه صغيرة فيها سائل أحمر لزج، عملت بيه دايرة حوالين السرير ووقفت جواها وقولت بتحدي: “أنا وانت بس”.
دخل الحاج فجأة وشاف المنظر واتصدم: “بتعمل إيه! إنت مين”؟! لفيت ليه وقولتله بهدوء: “متقلقش يا حاج، بساعد بنتك، فاهم بعمل إيه”؟! بصلي باستنكار: “أنت مش صحفي”؟ رديت عليه وحاولت أطمنه: “صحفي بس بفهم في الحاجات دي، اللي ساكن بنتك موت واحد وبيموت بنتك، تسيبني اساعدها ولا هتفضل تسألني”؟ ضرب كف على كف ووشه قرب يعيط وخرج وقف قدام باب الأوضة باصص عليا.
طلعت السكينة بتاعتي وجرحت بيها بطن إيدي ومسحت الدم في ورقة مكتوب عليها طلاسم وقربتها من السرير وولعت فيها وقولت: “بأمر يعقوب ابن سالم، وليد الموت، العابر بين العالمين، أكشف عن نفسك وما تريد”. وغمضت عيني وبدأت أكمل باقي الطلاسم في سري لقيت البنت بتصرخ أكتر ووشها عمال يتهز يمين وشمال وصوت زمجرة عالية دوت في المكان خلت الراجل برا يصرخ من الخوف.
كررت القسم عليها، “بأمر يعقوب ابن سالم، اكشف عن نفسك”. الشباك بدأ يرجرج جامد جدًا، كوباية المياه جنبها بدأت تفور بشكل غريب، الخربشات على الحيطان كترت وسمعت صوت جري فوق على السقف. طلعت عصايا صنعتها من رقعة الطبلة بتاعتي وخبطت فيها على الكرسي جنبي وصرخت بأمر: “وحد الرزاق”. سمعت صوت تكسير جامد وبدأت شقوق تظهر على الأرض حواليا وبعدها البنت صرخت أكتر وعينها بدأت تقلب لون أسود. “اكشف عن نفسك”. صرخت بيها تاني وقومت قربت منها ومديت راسي كأني هتحول لتعبان ضخم وطلعت فحيح قوي عارف أنه هيخليها تنهار وفعلا ده اللي حصل.
“خلاص يا يعقوب” قالتها وجسمها هدي. الخربشة حواليا والجري هديوا، كملت بخوف: “ميزة أنك تكون عابر بين العالمين مدياك قوة يا يعقوب، بس إحنا غلابة”. قالتها بصوت ضخم أجش.
“اكشف عن نفسك”. قولتها بثقة وحطيت رجل على رجل. قالت: “بهروش ابن قسيان ابن جرع”. “استحوذت عليها ليه”؟
رد: “مستحوذتش عليها ليه؟ الفجوة بين العالمين زادت وبقى خروجنا أسهل”.
قاطعته: “بينا عهد، بينا نظام يحكمنا ويمنع أذى البشر منكم”. ضحكت: “العهد خلص لما عالمكم ضعف وهالة الحماية ضعفت، والقوي لازم يستغل”.
استغربت، سألته بفضول: “يعني إيه”؟! ضحكت جامد وهي بتحسس على الحبل اللي مكتف إيدها: “اللي كان حاميكم من الجنون والاستحواذ أن في طاقة روحانية كانت بتعدل ميزان القوى، لو ضعفت ميزانا إحنا يطب، ولما حصل اللي حصل في عالمكم الكعبة فضيت، الجوامع خليت، الكنائس فضيت، كل دي طاقة انفضت لشهور وخلت ميزان القوى بتاعنا يزيد، زادت الفجوات اللي بتتفتح بينا وبينكم، زاد الجنون”.
وكملت وهي بتبص ليا بتشفي: “مش واخد بالك أن الجنون بقى مسيطر؟ الموت بقى ريحته تزكم الأنف في كل خطوة، القتل بقى سنة والغلط فرض؟ ولسه يا يعقوب”.
ابتسمت بثقة: “بس كل ده رجع”. ردت بثقة: “بس تأثيرها هيدوم وهيبقى أثره كبير، الفجوات اللي ظهرت دي مستمرة مش هتتقفل، واللي خرج منا مش هيرجع”. وختمت وهي بتقفل عينها “قدامك مشوار طويل يا يعقوب يا ابن سالم يا مسحراتي”.
لسه هرد لقيت جسمها بيتنفض جامد، بتشهق، جسمها اتشنج، وصرخت صرخة طويلة ولقيت دم خرج من بقها فجأة وفي كتلة سودا زي الشعر واغمى عليها.
دخل ابوها يصرخ وقرب منها لقى لسه في نبض، قومت من الكرسي مذهول من اللي سمعته. محستش بالراجل وهو بيبوس إيدي اني انقذت بنته، محستش بنفسي وأنا نازل وبركب وبروح بيتي وبفتح اللابتوب وأبدأ اكتب موضوع التحقيق اللي عملته وحطيت عنوان “لقاء مع جن مستحوذ” وبدأت اكتب اللي حصل من غير ما أكشف عن شخصيني، كتبت أن دجال هو اللي انقذ البنت وأني كنت شاهد وحضرت وصورت المكان وخلصت وبعت الموضوع وقعدت أفكر في خطواتي اللي جاية.
لمدة شهرين دوري كان إنقاذ الناس اللي استحوذ عليهم جن وشياطين، واجهت كتير بس نجحت أحررهم، ربنا وهبني قوة بحاول استغلها كويس على قد ما أقدر، فكرت في حاجة أكسب منها لقمة عيشي لقيت أن شغلي كصحفي هو أنسب حاجة، قدمت في جريدة وعرضت فكرة أني اسلط الضوء على الغرائب دي ونجحت أعمل ملفات كتير، بقيت قدام الناس يعقوب سالم الصحفي وقدام العالم التاني يعقوب ابن سالم المسحراتي اللي بيخافوا منه ومن قوته.
شهرين بدور على البنت اللي ظهرت من فترة واسمها روح، شهرين بدور على الشيطان اللي هرب مني، شهرين بتعلم أكتر علشان أقدر أوصل لمرحلة أن محدش من شياطين الجن يهزمني لحد ما أقدر أنضف العالم بتاعنا من شرورهم.
قطع تفكيري صوت خطوات جاية من ورايا وصوت بنت بتقول بنبرة هزار “أنا رجعت”. لفيت بسرعة لقيتها “روح”! كانت لابسة فستان أسود وجلدها محروق ووشها مشوه ودراعها أحمر. قربت مني وكملت بإبتسامة وهي قربت تعيط: “قدامي يومين وأتحول، عايزاك تساعدني يا يعقوب”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى